كلمة الله - مكتبة ذواقة

كلمة الله

4.900 ر.ع
تأليف:
أيمن العتوم

"اقتديت إلى ما يبدو أنّه سيكون مثواها الأخير. عبر بها عمّها شكوي الطريق الزراعية بسيارته الفارهة قاصداً الكاتدرائية. "ماذا سيكون الأمر يا ترى؟ ! " سألت نفسها. وأجابت مباشرةً: "أعرف، يريدون أن يعرضوا هذه المجنونة على الطيب القابع خلف مكتبه الوثير في الكنيسة التاريخية. وليكن. أعرف ما فعلت، وأدرك ما اخترك". . . . تهادت السيارة وهي تذرع الأرض الصاعدة بين الأشجار الباسقة. تخيّلت أن الأشجار تبتسم في وجهها. بعضها راح يسلّم عليها. حتى الجسر حيّاها بقلب رقيق. قال لها: "تحملين الخير في قلبك المؤمن، فلا تتأثري بما يقوله قساة القلوب، ولا أولئك الذين ملؤوها بالعفن لطول ما أشبعوها بالشهوات، فصارت سوداء كالحة". كان الجو بارداً قليلاً. صباح جمعة من أوائل شهر كانون الأول. لسعة البرد أيقظت فيها ذكريات طويلة مع هذه الطرق الصاعدة، وهذه المنعرجات الملتوية. . زادت بسمتها وهي ترى بعض الزهور التي لا يضوع عبقها إلّا في أواخر الخريف. تمنت من عمّها أن يتوقف قليلاً علّها تتمكن من أن تلمّ باقةً منها وتزرعها في صدرها فيظلّ شذاها معيناً لها على الأيام القادمات التي يبدو أنّها ستكون هالكات. ولكن لِمَ القلق، ولماذا الحزن؟ ! ! كلّ شيء كان يبشر بالحياة. العصافير التي ما كفّت عن التغريد، الأغصان التي كانت تمدّ أيديها مصافحة لعابري الطريق، الأرانب البرية التي كانت تقفر جذلى من بين الجذوع، الفراشات النادرة التي كان تحليقها يشكّل قوس قزح على الأرض بديلا�� عن ذلك الذي في السماء، خيوط الشمس التي كانت تتسلل من بين أوراق الأشجار فتلقي بعض الدفء على الوجوه. . . كل شيء كان يضجّ بالحياة؛ الحياة التي تهزأ بالموت، الموت الذي يصبح صديقاً لمن أراد حياة أوسع، وخلوداً لا ينقطع. . لماذا يخاف الإنسان الموت؟ ! لأنه يجهل ما بعده. فإن عرف؟ ! اطمأن حسب المعرفة. "أصحاب السراط السويّ ومن اهتدى" يرحبون به؛ لأنه يحييهم ولا يميتهم، ويرفعهم، ولا يضعهم، ويعلي مكانتهم لا يخفضها. ها نحن نولد، ونشبّ ثم نكتهل، ثم نشيخ وسنموت. مَن مِنَ البشر خرج عن هذه الدائرة؟ ! لا أحد. من استطاع أن يحتال على الموت فيعيش مخلّداً؟ ! لا أحد. إنما الدنيا والموت رفيقان متلازمان، وكلاهما محكوم عليه بالنتيجة نفسها؛ الفناء. الدنيا إلى ذلك والموت مظهرها. الموت إلى ذلك والدنيا وعاؤه. فرحّب أيها القلب بالموت! إذا جاء في سبيل من كتبه عليك. تابعت السيارة الفارهة صعودها، هاهي تقترب من القمة؛ القمة التي يقف أعلى منها الربّ. الربّ الذي يبسط يديه للتائبين، التائبين الذين أبصروا الطريق؛ الطريق الذي يؤدي إلى الحقّ، الحقّ الذي لديه الخلود؛ الخلود الذي لا موت بعده؛ فَلِمَ الخوف من الموت؟ ؟ لِمَ أيها القلب النقي، وأيتها الروح القديسة! ! تلقاها "أبرام" بابتسامة عريضة على باب مكتبه، كان قد شاخ هو الآخر، وغزا الشيب غرّته الهابطة من تحت قبعته المخملية التي يعتمدها فوق رأسه. رأت فيه ثعلباً مخادعاً، وهو ينظر إليها من تحت نظارته المدوّرة الخالية من الإطار. قال له رشدي: "هذه ابنتك بتول، إنها أفضل ما يمكن أن تلتقيه في حياتك، وأرجو أن تجد عندك الراحة". ردّ الأسقف وكان دانيال يقف وراءه كتمثال: "أعرفها، لا تحدثني عنها، لقد نشأت في بيت الرب، وإليه تعود، ليست غريبةً عن هذا المكان ولا المكان غريباً عنها، كل مافي هذا البيت، ومن في هذا البيت يعرفها ويرحب بها. ها هي العصفورة تعود إلى العشّ، ما أشبه الليلة بالبارحة، أكاد أرى أمها وهي في الرابعة عشرة تقف هذا الموقف. لا عليك يا رشدي، كن مطمئناً، عُد إلى عملك في خدمة الربّ من موقعك، ونحن سنتولى الامر على وجهه الصحيح" من خلال سردياته، يطرح الكاتب مدى تأثير انغلاق الفكر الإنساني واستبداد الفرد برأيه إلى درجة التسلط، وعدم الانفتاح على الآخر مما يكلفه الوقوع في سلسلة من المآسي والإخفاق في اتخاذ قرار يجنيه فقد ما يمثل بالنسبة له إيقاع حياته المنتظم. تعكس المشاهد والشخصيات روائية "كلمة الله". وإلى مدى أبعد عنوانها، تلك المناخات التي تعيشها عائلة وهيب. زوجته مريم تلك الإنسانة المؤمنة التي سكن الله والكنيسة قلبها، وأولادهما بتول وسلوى والإبن المتبنى وائل. تأخذ الوراية منحىً مأساوياً عندما ترتبط بتول الإبنة المدللة لدى أبيها بعلاقة عاطفية مع صالح المسلم الذي أحبّ بتول بإخلاص. يحاول وهيب ثني ابنته عن قرارها في إسلامها لاقتناعها به، لينغلق المشهد الأخير على عملية مؤثرة. . أن تساق بتول إلى حتفها على يد أبيها بإسلوب وحشي. . دون أن يؤثر ذلك في إيمانها بعقيدتها التي اعتنقتها عن صدق وإخلاص. الحب لا يعرف العمر، ولا يعترف بالدين، ولا يقف أمام البوابات الجاهزة مهما كانت صمّاء، ولا يمكن أن تصدَّ طوفانه سدود الدنيا كلّها. إذا سال طغى، وإذا طغى أغرق، وإذا أغرق أمات، وإذا أمات أحيا. إنه داء لا يرجى البرء منه، يقبل به المصاب راضياً مرضيَّا، ويستعذب فيه العذاب، ويجد فيه الشكوى لذيذة، والمرَّ حلواً، والعلقم عسلًا. إنه إن ثبت في الفؤاد لم تخرجه قوى الكون كلّها، وإن استقرَّ في السويداء مكث إلى آخر العمر، ولم يغادر إلا إذا غادرت السويداء ذاتها جسد الإنسان، وما ذلك إلا بالموت. إنه أكبر من أن يفسّر؛ لأنه التفسير لكل جنون. وهو أعظم من أن تدير عنه صفحة قلبك؛ لأنه هو قلبك، فإلى أيّ جهة تفرُّ وهو المفرُّ والجهات كلها؟ ؟ ! !

أضف إلى المفضلة
الناشر: عصير الكتب
نوع المنتج: كتاب ورقي
SKU (وحدة إدارة المخزون): 9789776541719
الباركود: 9789776541719
التوفر: متوفر متوفر نفدت الكمية
سياسة التوصيل والإرجاع

سياسة التوصيل:

  • نستخدم خدمات شركة "دليلي" لتوصيل طلباتكم إلى عنوان إقامتكم أو أي عنوان آخر تحددوه.
  • تكلفة التوصيل: 2 ريال عماني لجميع محافظات السلطنة.
  • في حالة لم تصلك الطلبية خلال 5 أيام فيرجى الاتصال بنا لمراجعة الطلب. 

* تتوقف خدمة التوصيل في الإجازات الوطنية والدينية مثل عيد الفطر وعيد الأضحى.